لطيفة
محمد القاضي
جمال عبد الناصر مواليد 1918 م ,وهو ثاني رئيس لمصر
في الفترة ما بين 1956 و وفاته في 1970, ولقد قاد عبد الناصر ثورة 23 يوليو 1952
التي أطاحت بالملك فاروق وكانت بداية لمرحلة جديدة في تاريخ مصر .
كان مؤيدا للعروبة ومناهضا للاستعمار
,حيث أنه دعم الثورات العربية في الجزائر وليبيا والعراق واليمن ,له دور رئيسي في
تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وحركة عدم الانحياز .
ولد جمال عبد الناصر في الإسكندرية
حيث نشأ هناك ,من ثم أنتقل والدة للعمل في القاهرة فالتحق عبد الناصر بمدرسة
النهضة الثانوية بالقاهرة فمثل في عدة مسرحيات مدرسية وكتب مقالات بمجلة المدرسة
في 1935,قاد عبد الناصر مظاهرة طلابية ضد الحكم البريطاني احتجاجا علي البيان الذي
أدلى به وزير الخارجية البريطاني الذي
أعلن رفض بريطانية لعودة الحياة الدستورية في مصر فقتل اثنان من المتظاهرين وأصيب عبد الناصر بجرح فأصدر
الملك فاروق قرار بإعادة الدستور ,نما نشاط عبد الناصر السياسي أكثر طوال سنوات
مدرسته فأعترض بشدة على المعاهدة البريطانية المصرية عام 1936 التي تتضمن وجود
قوات عسكرية بريطانية في البلاد من ثم أنضم جمال عبد الناصر للكلية العسكرية ,فركز
علي حياته العسكرية منذ ذلك الحين حيث التقي في هذه الفترة بعبد الحكيم عامر وأنور
السادات وكلاهما أصبحا مساعدين هامين له خلال فترة الرئاسة ,تخرج عبد الناصر من
الكلية العسكرية ,ثم رقي إلي رتبة ملازم ثاني في سلاح المشاة , في عام 1941 طلب عبد
الناصر النقل إلي السودان وكانت السودان جزء من مصر في ذلك الوقت فعاد من السودان
فحصل عل وظيفة مدرب في الأكاديمية العسكرية الملكية بالقاهرة ومن ثم تم قبول عبد
الناصر في كلية الأركان العامة فبدأ ناصر بتشكيل مجموعة من ضباط الجيش الذين
يملكون مشاعر القومية القوية ,بعد أن ساءت الأوضاع السياسية في مصر نتيجة للتدخل
البريطاني فيها واحتلال الجماعات الصهيونية لفلسطين وتحجيم دور الملك فاروق في
السياسة المصرية من قبل بريطانية فقرر عبد الناصر ومجموعة الضباط بتشكيل تنظيم
عسكري للإطاحة بحكم الملك فاروق وسمي هذا التنظيم (الضباط الأحرار) ,وعند سوء
الأوضاع في مصر نتيجة لحريق القاهرة الذي اندلع عام 1952 أجبر تنظيم الضباط
الأحرار الملك فاروق على التنحي عن الحكم لأبنه أحمد فؤاد ثم إنهاء الحكم الملكي
وإعلان النظام الجمهوري برئاسة محمد نجيب ,وبعد فترة وجيزة عزل نجيب بسبب الصلاحيات التي كان يريد الحصول
عليها والتي لا تتناسب مع تطلعات ثورة
1952,صار في مصر لأول مرة في عهدها استفتاء شعبي لاختيار رئيس جديد ونتج عن هذا الاستفتاء
تعين جمال عبد الناصر رئيسا لمصر ,وبعد أن تم إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام
1958 أصبح رئيسا للجمهورية العربية المتحدة.
عندما نتطرق للقضية الفلسطينية في
عهد الزعيم جمال عبد الناصر نرى أنها كانت
قضية العرب المركزية فأننا نقول أن عبد الناصر يرى أن فلسطين هي جزء لا يتجزأ
من الأمة العربية أغتصبها الصهاينة
بمساعدة الاستعمار القديم والجديد وأقاموا عليها دولة إسرائيل لتكون بمثابة حاجز
يحول دون وحدة الأمة العربية ,فهي بذلك قضية العرب المركزية حيث يقول عبد الناصر
(أن الاستعمار قد أقام إسرائيل في قلب الوطن العربي للقضاء على القومية العربية
ولضرب هذه الأمة ومنعها من بناء نفسها اجتماعيا واقتصاديا ودبلوماسيا ) ويقول أيضا
(أن ما يحدث في مصر وما يحدث في فلسطين هو جزء من مخطط استعماري يستهدف الأمة
العربية كلها) و رغم تركيز عبد الناصر علي البعد القومي العربي للقضية الفلسطينية
,إلا أنة لم يلغي أبعادها الأخرى :الوطنية الفلسطينية والدينية (الإسلام
والإنسانية و العالمية) فقد ساهم عبد الناصر في إنشاء (منظمة التحرير الفلسطينية)
كهيئة تعبر عن أرادة الشعب الفلسطيني و تتولي أمر السعي لاسترداد
ما هو ممكن من حقوقه الوطنية والقومية والدينية ,كما قام بدعم المقاومة
الفلسطينية ,أيضا أقر البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية ,أن القضية الفلسطينية هي
قضية المسلمين في جميع أنحاء الأرض ,كما أن الإسلام أوجب على جميع المسلمين الجهاد
أذا حدث اعتداء على ديار الإسلام ,يرى عبد الناصر أن شرط نجاح تسوية الصراع العربي
الإسرائيلي هو استعادة حقوق الشعب الفلسطيني ثم في استعادة الأراضي العربية
المحتلة ,ويرى أيضا أنه الطريق الوحيد للاسترداد كافة الحقوق الوطنية والقومية
والدينية للشعب الفلسطيني هو القتال والجهاد .
كانت رؤية عبد الناصر لحرب فلسطين
أنه شرا وقد يكون من الشر بد في بعض الظروف ولم يكن واحدا من هؤلاء المحترفين
الذين لا يرون في القتل منتهي تحقيق الذات وهو أيضا لم يكن واحدا من الذين لا يرون
في الحرب إلا جانبها الحماسي ربما ساعده
على ذلك أنة عاش التجربة الإنسانية للحرب ورأي رفاق السلام من حوله يتساقطون فوجد الدماء تتدفق
بغزارة قرب فكه ,أن السجلات الرسمية لحرب فلسطين تشهد له بأنه قاد معركة من أهم
معارك فلسطين وهي معركة أشار إليها نائب رئيس وزراء إسرائيل و قادة الجبهة
الجنوبية لإسرائيل سنه 1948 في كتابة عن الجيش الإسرائيلي وهي معركة خسرت إسرائيل
فيها أربعمائة وخمسين قتيلا ,أمر عبد الناصر بدفنهم بعد الحرب و كانت هذه المعركة هي المناسبة التي حصل فيها
جمال عبد الناصر على نجمة فؤاد الأول العسكرية و هي أرفع وسام عسكري كان يمنح
أيامها لبطولات القتال النادرة ,ومع ذلك نجد عبد الناصر ينظر من حوله إلى ميدان
القتال ويقول (إنه لو أصبح الأمر بيده في
يوم من الأيام لتردد كثيرا قبل أن يدفع شباب مصر إلي ساحات اللهب إلا أن يكون ذلك
ضرورة دفاعا عن شرف ) , فقد قبل جمال عبد الناصر مخاطر القتال سنة 1956 في السويس
و1962 في اليمن وكانت سنوات عمرة الأخيرة حربا كلها ,ففي 1956 في السويس كانت حرب اضطرارية
دفاعا عن حق ودفاعا عن شرف فقد حاول بكل جهده أن يتجنب الحرب ولكن فرضت علية بالتواطؤ
الثلاثي وخاضها وأنتصر, لم يكن في استطاعته سنة 1962 أن يترك ثورة اليمن الوليدة
لعاصفة الرجعية العربية تهب عليها من وراء حدود اليمن وتقتلع جذورها ,ولم يكن هو
الذي أطال أمد الحرب بلا مبرر فلم يكن هو الذي جاء بالسلاح الأمريكي مع أن حرب
اليمن لم تحقق انتصارا عسكريا حاسما فأنها
حققت انتصارا سياسيا إنسانيا لابد ينظر له على المستوى القومي ,فلقد أستطاع أن
يكسر الأوضاع القديمة في شبة الجزيرة كلها وفتح أبواب لموجة التحديث ونقلها من
القرون الوسطي إلى قرن العصر الحديث وأكد ملكية البترول للعرب,في سنه 1967 لم تكن
أمته العربية لتسمح له أن يتقاعس عند نجدة سوريا وهو الأمر الذي عرضة ليكون الهدف
الرئيسي للهجوم الاستعماري الضاري الذي أراد أن يصفي حساباته مرة واحدة وإلى الأبد
مع كل من الحركة القومية العربية.
القائد الزعيم جمال عبد الناصر الذي
قدم العطاء والكرامة والشرف لشعبة ولفلسطين وسوريا واليمن ,هو قائد خلده التاريخ وتاريخه
لا ينسي, وسيرته الذاتية الشامخة بأصالتها
تحلق في السماء العزة والخلود .
توفي الرئيس جمال عبد الناصر في
28سبتمبر 1970 ورحل عن الحياة ولكنة لم يرحل عنا سيظل فينا قائم وقدوة وتاريخ لا ينسي
,توفي أثر أصابته بنوبة قلبية , أسكنه الله فسيح جناته.