إعداد وتحليل/ منصور أبو كريم
كاتب وباحث سياسي
مركز رؤية للدراسات و الأبحاث
يوليو 2018م
مقدمة
في سياق استعدادات إدارة الرئيس
دونالد ترامب طرح الصفقة النهائية أجرى الوفد الأميركي المكلف بإعداد الخطة بجولة
بالمنطقة شملت العديد من الدول العربية وإسرائيل لجس نبض هذه الدول وعرض الملامح
النهائية للصفقة الأميركية التي يطلق عليها ultimate deal.
جولة الوفد الأميركي في المنطقة وطبيعة العرض
الأميركي المقدم فيما بات يعرف "بصفقة القرن" أو الصفقة النهائية التي
يراد من خلالها إيجاد حل ما للقضية الفلسطينية، يندرج في سياق مساعي الولايات
المتحدة الأميركية لإعادة ترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، ومواجهة الجماعات
الإرهابية والتمدد الإيراني، كل ذلك أثار طرح عدة تساؤلات حول النتائج التي تحققت
من جولة الوفد الأميركي، والموقف العربي من التصورات الأميركية المقدمة للحل؟
والتحديات التي واجهت الموقف الأميركي؟ والخطوات الأميركية القادمة؟
أولاً: مسار جولة الوفد الأميركي في
المنطقة
أختتم الوفد الأميركي برئاسة جاريد
كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، وجيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي
للسلام لمنطقة الشرق الأوسط، ودينا باول نائبة مستشار الأمن القومي في الإدارة
الأميركية، وتيم ليندركينغ مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الخليج. جولة
دبلوماسية شملت أربع دول عربية هي الأردن، والسعودية، ومصر، وقطر إضافة إلى
إسرائيل. وكان الهدف الأساسي لهذه الجولة هو تسويق خطة الإدارة الأميركية
"للسلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي باتت تُعرف إعلاميًا
باسم "صفقة القرن"، وهي تسمية مقصودة لتسويق قناعات وأفكار إسرائيلية
قديمة بوصفها اقتراحًا جديدًا لصفقة تاريخية ().
وكان الوفد الأميركي قد استبق بدء
جولته الشرق أوسطية بإجراء مناقشات مطولة يوم الجمعة، الموافق 15 حزيران/يونيو
الجاري، مع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما يعني أن واشنطن عملت على
نيل مباركة المنظمة الدولية على "صفقة القرن" قبل طرحها رسميا. وقد
شاركت نيكي هايلي، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة في تلك المحادثات، التي
تركزت على الوضع في الشرق الأوسط والإجراءات الأميركية الأخيرة في مجال التعاون مع
الأمم المتحدة ().
الوفد الأميركي استهل جولته في المنطقة بزيارة
العاصمة الأردنية عمان، باعتبارها المحطة الأولى، يوم الثلاثاء الموافق 19
حزيران/يونيو 2018م حيث التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي أكد
للوفد ضرورة كسر جمود عملية السلام، بما يفضي إلى إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة
بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين"، استناداً إلى حل الدولتين، ومبادرة
السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية. وكانت العاصمة السعودية الرياض، المحطة
الثانية في جولة الوفد الأميركي، الذي التقى يوم الأربعاء، الموافق 20
حزيران/يونيو، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبحث معه "زيادة
التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والحاجة إلى تسهيل
الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة، وجهود إدارة ترامب لتسهيل السلام بين الإسرائيليين
والفلسطينيين"!! أما القاهرة، فكانت المحطة الثالثة في جولة الوفد الأميركي،
الذي زارها صباح يوم الخميس، الموافق 21 حزيران/يونيو. وكانت زيارة قصيرة، شملت
لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين، على رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم البحث
خلالها في "آخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة ما تعلق منها بالملف
الفلسطيني وتحقيق تسوية سياسية لأزمة المنطقة". وكانت العاصمة القطرية المحطة
الرابعة وقبل الأخيرة في الجولة، حيث وصلها الوفد الأميركي مساء ذات اليوم،
الخميس، الموافق 21 حزيران/يونيو الجاري، والتقى بالأمير تميم بن حمد آل ثاني، في
مكتبه بقصر البحر بالعاصمة الدوحة، وتناول اللقاء قضايا "عملية السلام في
الشرق الأوسط، وتحسين الظروف الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة، إضافة إلى الجهود
المبذولة لإحلال السلام وأهميته في مكافحة الإرهاب والتطرف" ().
وكان الوفد الأميركي إضافة للسفير
الأميركي في إسرائيل ديفيد فرديمان، قد التقى يوم الجمعة 22 يونيو رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعضاء الوفد الأميركي واستغرق الاجتماع أربع ساعات
متواصلة. ووفقا لمكتب نتنياهو فقد أعرب نتنياهو خلال اللقاء عن تقديره للرئيس
الأميركي دونالد ترامب، وقد تركز الاجتماع حول قضايا المنطقة والوضع الأمني
والانساني في قطاع غزة ().
ثانياً: التصورات الأميركية لحل
القضية الفلسطينية
حسب مجلة "بوليتيكو"،
الأميركية فإن الوفد الأميركي توجه إلى الشرق الأوسط، وكان البيت الأبيض أعلن أن
ترامب طلب من الوفد التركيز على المحادثات في هذه الرحلة حول عدد من المواضيع
العريضة، بما في ذلك البحث عن “طريق لمحادثات سلام إسرائيلية-فلسطينية جوهرية، ومحاربة
التطرف مع الوضع في غزة، بما في ذلك كيفية تخفيف الأزمة الإنسانية هناك ().
رغم أن الإدارة الأميركية لم تكشف
رسميًا عن تفاصيل الخطة التي تروّج لها، فإن التسريبات التي بلغت العديد من وسائل
الإعلام العربية والأجنبية تعطي صورة تقريبية عن ماهية الطرح الأميركي والغايات
التي يسعى لتحقيقها. تقوم الخطة على تطبيع العلاقات العربية -الإسرائيلية شرطًا
لتهميش القضية الفلسطينية، وليس حلها بوصفها قضية سياسية، ويأتي كل ذلك من خلال
إنشاء مناخ سياسي إقليمي ملائم لعلاقات عربية -إسرائيلية، يستوعب الجانب
الفلسطيني، ويمارس الضغط اللازم عليه لقبول الطرح الأميركي الذي يركز على التعاون
والتكامل الاقتصادي عبر حزمة من المزايا الاقتصادية والاستثمارات الأميركية
والخليجية، مع تجاهل أركان القضية الفلسطينية في العودة وإقامة دولة فلسطينية
مستقلة، عاصمتها القدس. بدأ تنفيذ الخطة التي تقوم على التخلي عن قضايا الوضع
النهائي (وهي القدس، والمستوطنات، والحدود، واللاجئين، والمياه) مسبقًا ومن دون
مفاوضات بإخراج القدس من دائرة التفاوض؛ وذلك عندما اعترفت إدارة ترامب، في 6
كانون الأول/ ديسمبر 2017، بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة الأميركية إليها
من تل أبيب في الذكرى السبعين لإعلان قيام إسرائيل ().
مسئول كبير في السلطة الفلسطينية أكد
إن البيت الأبيض سيقدم خطة التسوية المعروفة باسم "صفقة القرن" خلال
الأسابيع المُقبلة بعد ضغوط من نتنياهو. ونقلت صحيفة "هآرتس"، عن
المسؤول الفلسطيني قوله إن السلطات الفلسطينية حصلت على معلومات عن قرب الإفراج عن
"صفقة القرن" خلال الأسابيع المقبلة، عبر إعلان إدارة ترامب موافقتها
على ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وفيما يطرح رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ضم 15 في المائة من الأراضي الفلسطينية
المحتلة عام 1967، يقترح ترامب ضم 10%". وستخترع إدارة ترامب عاصمة لدولة
فلسطين في ضواحي القدس (خارج إطار 6 كيلومترات مربعة) عام 1967، وستعلن بعدها
مفهوما أمنيا مشتركا لدولتي إسرائيل وفلسطين كشريكين في سلام يشمل دولة فلسطين
منزوعة السلاح مع قوة شرطة قوية، وتعاونا أمنيا ثنائيا وإقليميا ودوليا، يشمل
مشاركة الأردن ومصر وأمريكا، على أن يكون الباب مفتوحا أمام دول أخرى ().
ويشمل المفهوم الأمني أيضاً، وجود
قوات إسرائيلية على طول نهر الأردن والجبال الوسطى من الضفة الغربية لحماية
الدولتين، فيما تبقي إسرائيل صلاحيات الأمن القصوى بيدها لحالات الطوارئ"،
وفق التقرير. وتتضمن "صفقة القرن" أن تنسحب القوات الإسرائيلية وتعيد
تموضعها تدريجياً خارج المناطق (أ) و(ب) وفق تصنيف اتفاق أوسلو، مع إضافة أراضٍ
جديدة من المنطقة (ج)، وذلك وفق الأداء الفلسطيني (لم تحدد مهلة زمنية)، وتعلن
دولة فلسطين في هذه الحدود، على أن تعترف دول العالم بـ "دولة إسرائيل كوطن
قومي للشعب اليهودي، وبدولة فلسطين كوطن قومي للشعب الفلسطيني، وتضمن إسرائيل حرية
العبادة في الأماكن المقدسة للجميع مع الإبقاء على الوضع القائم فيها" ().
وحول الوضع في قطاع غزة كشفت صحيفة
"هآرتس" الإسرائيلية أن الادارة الأميركية تعمل الآن على تجنيد مبلغ
قدره نصف مليار دولار حتى مليار دولار، من أجل بناء مشاريع لسكان قطاع غزة، ومن
بين المشاريع التي يتم دراستها اقامة محطة لتوليد الكهرباء وميناء بحري ومشروع
للطاقة الشمسية يقام على أرض سيناء المصرية. ووفقًا للصحيفة الإسرائيلية فإن
أمريكا تسعي لتجنيد هذا المبلغ من دول الخليج العربي، ومن المتوقع أن تطرح مشاريع
غزة خلال المحادثات التي سيجريها الوفد الأميركي مع قادة قطر والسعودية ومصر
والأردن وإسرائيل". ووفقا للصحيفة فالإدارة الأميركية تأمل أن تساهم تلك
المشاريع بتهدئة الوضع بين غزة و"إسرائيل"، وتكون تلك المشاريع خطوة
تمهيدية لتعرض الادارة الأميركية خطة صفة القرن. ووفقا للتقرير، فالنقطة الأهم في
نظر الادارة الأميركية الآن حل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة، عبر إقامة محطة توليد
طاقة كبيرة في منطقة العريش تخدم قطاع غزة لتحسين الكهرباء في القطاع، كما يتم
دراسة بناء ميناء بحري أمام شاطئ سيناء واقامة منطقة صناعية لتصنيع مواد البناء
لتوفير الاف أماكن العمل لسكان القطاع، لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة والوضع
الامني في سيناء ().
المشاريع الإنسانية التي تتحدث عنها
إدارة ترامب تهدف لخلق واقع جوسياسي في سيناء يُهمد لتمدد قطاع غزة باتجاه الجنوب
في محاولة من إدارة ترامب لتمرير الحل الإقليمي ولكن بطريقة غير مباشرة عبر خلق
واقع جوسياسي يتحول مع الوقت لوقع قائم في سيناء وبذلك تكون قد نجحت في تمرير الحل
الإقليمي بدون ضجيج.
وكان عُقد في البيت الأبيض في الثالث عشر من شهر
مارس 2018م، مؤتمر برعاية مبعوث الرئيس الأميركي عملية السلام جيسون غرينبلات، بحث
الوضع الإنساني في قطاع غزة بمشاركة 13 دولة بينها مصر، والسعودية والأردن
والإمارات، وقاطعته السلطة الفلسطينية. وفي أعقاب المؤتمر، حذر الدكتور صائب
عريقات من وجود مساع لإعلان دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط، ومن مساع أمريكية لفرض
حلول اقليمية وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إغاثية ().
حول ملف اللاجئين تسعى إدارة ترامب
لإنهاء وجود وكالة الغوث من خلال تقديم المساعدات مباشرة للدول المضيفة للاجئين
الفلسطينيين، وليس من خلال وكالة الغوث كما هو علية الوضع حتى الآن، يضاف لذلك سعي
هذه الإدارة -ادارة ترامب الى الحصول على مساعده مالية لقطاع غزة حجمها مليار
دولار من أجل اقامة مشاريع اقتصاديه دون الرجوع أو حتى استشارة وكالة غوث بهدف شطب
قضية اللاجئين من على الطاولة كما اعتقدت أنها شطبت قضية القدس ().
بشكل عام لن تشمل الصفقة بالضرورة
انسحاباً إسرائيلياً من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفي محيط القدس. وقد
أبرزت صحيفة "هآرتس" ما اعتبرت أنه ملامح شبه نهائية لصفقة القرن التي
تتحدث في واقع الحال عن تبنٍّ مطلق للموقف الإسرائيلي العام بمنح الفلسطينيين
كياناً "دون الدولة". وهو الموقف الذي كان قد عبّر عنه في أكتوبر/ تشرين
الأول 1995، رئيس الحكومة الأسبق، إسحاق رابين، في آخر خطاب له أمام الكنيست، عند
عرض اتفاق أوسلو الثاني على الكنيست، وأكد فيه أيضاً أنه لن يكون هناك انسحاب
إسرائيلي من الأغوار الفلسطينية (). ووفقاً لما نشرته "هآرتس" اتضح أنه
“من التفاصيل التي تسربت عن خطة الرئيس ترامب، تعتزم فعلاً عرض إعلان قرية أبو ديس
شرقي القدس المحتلة باعتبارها العاصمة الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلي من 3 أو
5 من القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس، التي كانت حكومات الاحتلال ضمتها إلى منطقة
نفوذ بلدية القدس، بعد الاحتلال في عام 1967. إلى ذلك ستبقى البلدة القديمة من
القدس تحت السيطرة والحكم الإسرائيليين، بحسب الكاتب الإسرائيلي "عاموس
أرئيل"، أن خطة ترامب لن تقترح انسحاب إسرائيلي من المستوطنات القائمة أو
إخلاء المستوطنات التي توصف بأنها معزولة، ولا أي انسحاب من الكتل الاستيطانية
الكبيرة (مثل كتلة مستوطنات أريئيل، جنوب نابلس) ومستوطنات غوش عتيون قرب بيت لحم،
ولا مستوطنات معاليه أدوميم”. كذلك تنصّ خطة ترامب على “إبقاء الأغوار الفلسطينية
تحت سيطرة حكومة الاحتلال، مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش أو
أسلحة ثقيلة” ().
الخطة التي تطرحها إدارة ترامب لا
تستقيم عملياً مع منطق حل الدولتين أو أسس عملية السلام ولا قرارات الشرعية
الدولية لأنها تؤدي عمليًا إلى احتفاظ إسرائيل بأكثر مساحة الضفة الغربية المحتلة،
وإعلان القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل بعد نزع صفة الاحتلال عن شطرها الشرقي. ومن
ثمّ، لا يتبقى للفلسطينيين سوى كيان مقطع الأوصال (كنتونات) يضم التجمعات السكانية
الفلسطينية الكبرى، وبذلك تتخلص إسرائيل من مراكز الكثافة السكانية الفلسطينية
العالية في مقابل احتفاظها بأكبر جزء من الأرض. أمّا غزة، فيجري تحويل قضيتها إلى
قضية خدمات، والتعامل معها على أنها قضية إنسانية وإغاثية وليست جزء من الأرض
الفلسطينية عبر التركيز على البعد الإنساني كأساس في التعامل مع قضايا غزة، عبر
البحث عن مشاريع استثمارية في سيناء تمهيد لتوسيع قطاع غزة باتجاه الجنوب.
ثالثاً: الموقف الفلسطيني والعربي من
الزيارة
رفضت القيادة الفلسطينية لقاء الوفد
الأميركي بسبب استمرار حالة القطيعة بين الجانبين منذ إعلان ترامب نقل السفارة
الأميركية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، الناطق الرسمي باسم الرئاسة
الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أكد إن "الجولات الأميركية المتعددة للمنطقة،
واستمرار البحث عن أفكار أو الاعداد لصفقة أو خطة، متجاوزة إقامة الدولة
الفلسطينية وقضية اللاجئين، لن تؤدى سوى إلى طريق مسدود" وفق بيان نشرته
وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا". وتابع أبو ردينة: "أن
استمرار العبث بمصير المنطقة لن يزيد الامور سوى اشتعال وتوتر، وأن الحل للصراع
يكون فقط مع الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، المدعومين من اشقائهم العرب جميعا
شعوبا وحكومات"().
صحيفة الرأي الأردنية قالت في تقرير
لها أن الموقف الفلسطيني حدده مسؤول فلسطيني كبير، بالقول إن القيادة الفلسطينية
أوضحت للأميركيين أنها تؤمن برؤية حل الدولتين، بمعنى أن هناك دولة إسرائيلية وهي
قائمة ونريد أن تقوم دولة فلسطينية على حدود 1976 وعاصمتها القدس الشريف، وأضاف
قلنا لهم إننا نرفض الاستيطان ونعتبره غير شرعي وإننا على استعداد لتبادل أراضي
محدود للغاية للأراضي بالقيمة والمثل ().
وكان صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير أكد في تقرير قدمه لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني، في
يناير/كانون ثاني 2018م، إن صفقة القرن، تعطي الفلسطينيين مساحات محددة من الضفة
الغربية، على أن تكون عاصمة دولتهم هي بلدة أبو ديس الواقعة بجوار القدس. وذكر أن
الخطة تنص على ضم المستوطنات للسيادة الاسرائيلية وعدم وجود أي سيادة فلسطينية على
الحدود، وأن تكون فلسطين دولة منزوعة السلاح، ويتم تقديم تسهيلات اقتصادية ضخمة
للفلسطينيين (). بما يعني أن الحل الاقتصادي هو المدخل الذي تحاول إدارة ترامب
الترويج له.
الموقف المصري من الطرح الأميركي
خلال زيارة الوفد الأميركي للقاهرة، عبر عنه رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام
المصرية في مقال له، أكد خلاله أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان واضحاً خلال
استقباله الوفد الأميركي على دعم مصر الجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل
إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية طبقا للمرجعيات الدولية، وعلى أساس حل
الدولتين، وفقا لحدود 1967، تكون فيه القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، مشيراً
إلى أن حل هذه القضية المحورية يوفر واقعًا جديداً، ويساعد في تحقيق الاستقرار
والأمن لمختلف دول الشرق الأوسط. هذه هي الرسالة التي وضعها الرئيس عبد الفتاح
السيسي أمام المبعوث الأميركي، فمصر تريد السلام، وهي أول من أقدمت على السلام مع
إسرائيل، لأنها تعرف أهمية السلام وضروراته، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل بغير
السلام العادل والشامل الذي يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على
حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن مواقف ترامب المنحازة لإسرائيل دائما
أسهمت في زيادة القلق لدى الفلسطينيين من الإدارة الأميركية، وعمقت الشكوك حول
قدرة تلك الإدارة على تقديم رؤية متوازنة وعادلة للسلام في الشرق الأوسط، خاصة بعد
قرار الرئيس الأميركي ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس ().
أهمية الموقف المصري في تمرير الصفقة
أو عرقلتها كان محل تأكيد صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عبر محللها للشؤون
العربية، "تسفي بريل"، حيث أكد أن دولة بحجم مصر قادرة على إفشال الصفقة
لعدة اعتبارات، منها موضوع إعمار غزة وبناء مشاريع تنموية واقتصادية في سيناء
لخدمة قطاع غزة، وهو موقف لا تقبل به القاهرةـ إضافة لإصرّار الرئيس الفلسطيني
محمود عباس على رفض التجاوب مع الطروحات الأميركية، ويشير "بريل" إلى
موضوع القدس، وتصريح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، بعد لقاء الرئيس
المصري عبدالفتاح السيسي ووزير خارجيته ومدير المخابرات المصرية، مع المبعوثين الأميركيين،
الذي أشار إلى أن مصر لا تؤيّد الفكرة بأن تكون أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية،
رغم أن كوشنير زعم في مقابلة مع صحيفة القدس الفلسطينية أن الانطباعات التي خرج
بها من لقاءاته في العالم العربي جيدة، إلا أنه من الواضح أن التباين في مواقف دول
"المحور السنّي" على خلفيات أخرى قد تكون السبب الأساسي في إحباط الصفقة
حتى قبل طرحها ().
ووفقا لمعلومات متعددة فإن المبعوثين
الأميركيين سمعا كلاماً مشابهاً في معظم العواصم العربية التي قاما بزيارتها، لأن
القاهرة استبقت التحركات الأميركية بمشاورات وتنسيق عربي أدى إلى تمسك معظم الدول
العربية بالموقف العربي من حل الدولتين الذي سبق طرحه في مبادرة السلام العربية.
وهو ما دعا صحيفة هآرتس للتأكيد أن مصر موقفها رافض بشكل قطعي، ومعرقل لأي محاولات
من شأنها سحب قضية القدس الشرقية من على طاولة المفاوضات، وأن مصر تصر على أن تكون
القدس الشرقية المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية، موضحة أن موقف القاهرة مغاير لدول
عربية أخرى توافق على مقترح مدينة أبوديس ().
الموقف الأردني من الطروحات
الأميركية لم يكن بعيداً عن الموقف المصري، فالأردن لدية العديد من التحفظات على
التصورات الأميركية التي حاول الوفد الأميركي تسويقها، البداية من إشارات الملك
عبد الله خلال الفترة الماضية وآخرها في أثناء الاحتجاجات الأردنية ضد الغلاء تشير
إلى ضغوط عليه من أجل القبول ببنود صفقة القرن الأميركية، وهو ما قد يشير إلى ضغوط
أمريكية وإسرائيلية من ناحية وكذلك ضغوط أنظمة عربية من ناحية أخرى، وهو ما يعنى
ضمنًا أن الأردن لا يزال لديه موقف معارض على الأقل لبعض بنود الصفقة التي لا تقدم
حلًّا يمكن قبوله وتسويقه للقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل الموقف الفلسطيني
الرسمي والشعبي الذى قد يضع الكثير من الأنظمة العربية في حرج شديد حال قبولها تلك
الصفقة، وقد يكون هذا الرفض الأردني المتخوف من ردود الفعل ومن تبعات إعلان تلك
الصفقة على الأردن نفسها في حال دعمها لها هو السبب الرئيسي وراء الزيارة العاجلة
التي قام بها الملك عبد الله للقاء ترامب في البيت الأبيض عقب جولة الوفد
الأميركي، وهى الزيارة التي سعى من خلالها الملك عبد الله لتعديل بعض بنود الصفقة
التي لن تلقى قبولًا فلسطينيًّا أو دعمًا عربيًّا، أو على الأقل تأجيل إعلان بعض
التفاصيل محل الخلاف ().
التخوفات الأردنية تتلخص في خشية
الأردن من أن تقود الخطة لفرض وصاية سعودية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس
بدل الوصاية الهاشمية إضافة إلى القلق من قضية توطين اللاجئين في الأردن في ظل ما
يعانيه الأردن من صعوبات وتحديات اقتصادية كبيرة، نهيك عن عدم رغبة الأردن تخطي
الطرف الفلسطيني في ظل القطيعة بين الجانب الفلسطيني والأميركي.
المواقف المصرية والأردنية أصبحت بمثابة
عقبات جديدة أمام التصورات الأميركية عن صفقة القرن بشكلها الحالي، التي جرت
تسريبات عديدة حولها خلال الشهور الماضية، لأن إدارة ترامب كانت تعتقد أن العقبة
الوحيدة أمام تمرير المشروع تتمثل في الرفض الفلسطيني وهو ما يمكن تجاوزه عبر
القبول العربي، لكن اكتشفت أن الرفض المصري الأردني يمثل تحدي جديد أمام إمكانية
عرض الصفقة بشكلها الحالي الذي ابتعد كثيراً عن مبدأ حل الدولتين وأسس عملية
السلام وقرارات الشرعية الدولية.
رابعاً: مستقبل الصفقة الأميركية
تدور شكوك كبيرة حول قدرة إدارة
ترامب على إقناع الأطراف الأساسية بالتصورات التي قدمها الوفد الأميركي، إلا إن
ذلك لم يمنع العاملين في المشروع من صياغة مشروع أميركي يهدف إلى إحلال السلام في
منطقة الشرق الأوسط. ورغم الدرجة العالية من السرية التي أحيط بها مضمون الصفقة
إلا أن بعض معالمها بدأ واضحاً خاصة فيما يتعلق بالأمور الإقليمية، وعلى رأسها أن
المشروع الأميركي سيكون موجها ضد إيران في محاولة لتحديد نفوذها وتأثيرها على
المنطقة ().
التضارب ظهر بشكل جلي في تفاصيل هذه
الصفقة، في ظلّ الحديث عن أتفاق وفق مبدأ حل الدولتين، والتركيز من قبل البيت
الأبيض على أنه لن يسعى لفرض إملاءات على الطرفين، خصوصاً فيما يتعلق بإلزام
إسرائيل بالانسحاب لحدود ما قبل الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وصولاً إلى ما
سُرّب أخيراً من أن الصفقة لن تشمل بالضرورة انسحاباً إسرائيلياً من المستوطنات في
الضفة الغربية المحتلة وفي محيط القدس ().
صحيفة "نيويورك تايمز"
الأميركية أكدت إن جولة مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير، إلى الشرق الأوسط
غير مجدية"، مضيفة أن "الخطوط العريضة لصفقة القرن لا تزال غامضة".
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من تأكيد كوشنير مع صحيفة القدس الفلسطينية، أن
احتمال السلام ما يزال حياً للغاية وأن خطته أوشكت على الانتهاء لكن الخطوط
العريضة التي سعى هو وجيسون غرينبلات، إلى رسمها على مدى 17 شهراً ما تزال غامضة
واحتمالات تحققها ضعيفة". وتشرح افتتاحية نيويورك تايمز قائلة "بذل
كوشنير قصارى جهده خلال مقابلته مع جريدة القدس الفلسطينية لانتقاد الرئيس الفلسطيني
محمود عباس، واقترح أنه إذا رفض عباس الخطة، فسوف تقدمها الإدارة الأميركية مباشرة
إلى الشعب الفلسطيني، الذي سيوافق عليها". ومضت "نيويورك تايمز"
قائلة "لكنه من الصعب للغاية تخيل كيف يمكن لأي اقتراح أميركي جذب عدد كاف من
الفلسطينيين لتجاوز معارضة عباس، وبالنظر إلى مواقف الفلسطينيين المتصلبة تجاه هذه
المسألة، فمن غير المرجح أن يكون أي زعيم آخر أكثر تقبلاً لخطة واشنطن من
عباس". وقالت الصحيفة "إذا قدم كوشنير مقترحاً يرفضه الفلسطينيون من أول
وهلة، كما هو مرجح أن يحدث، فسوف تقل فرص التوصل إلى اتفاق سلام حقيقي".
وأشارت إلى أن "كوشنير قد يكون لقى ترحيباً في الدول العربية الأخرى التي
زارها، والتي تؤيد موقف ترامب وإسرائيل الصارم تجاه إيران، ولكن أي مساعدة
اقتصادية قد تتعهد بها السعودية أو غيرها من الدول للفلسطينيين لن تكون كافية إذا
لم يتم التوصل إلى اتفاق حول الحدود أو المستوطنات أو اللاجئين أو القدس في سبيل
تحقيق السلام، بمشاركة عباس أو بدونها" ().
التحدي الذي يواجه خطة ترامب يتمثل في غياب من
يلتقط خطة ترامب ويستطيع التفاوض عليها فالرئيس عباس يرفضها، ونتنياهو ليس في وضع
داخلي يسمح له بالموافقة عليها في الوقت الذي ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي فيه
تهما بالفساد، ويخضع للتحقيق من قبل الشرطة الاسرائيلية بتهم خيانة الأمانة وتلقي
الرشاوى. المقاربة الأميركية تميل نحو القفز عن الفلسطينيين إلى حين ظهور من هو
مستعد للتعامل مع الخطة والعمل على تنفيذها، أو قبول أجزاء منها دون الإعلان
رسمياً عنها. الادارة الأميركية من خلال قراءتها لردود الفعل قد تجد أن الوقت غير
مناسب لطرحها، وأيضاً هي لم تطرحها صراحة بسبب الرفض الفلسطيني الصلب والمقاطع لها
ويقول ابراش إن بعض الدول العربية أعلنت من حيث المبدأ موافقتها على الصفقة لكن
بعدما تعارض ذلك مع الموقف الفلسطيني، حصل تغير في بعض المواقف العربية” ().
لعل الصدمات السياسية التي وجدتها
واشنطن في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، بعد قرار نقل السفارة الأميركية إلي
القدس العام الماضي، تنطوي على دلالات سلبية كاشفة لحجم الدور والتأثير في العالم،
وهي إشارة بالغة وربما كافية ليدرك العرب عمق التغير في الوزن الأميركي بالنسبة
للقضية الفلسطينية. الأمر الذي يجعل ترامب يتريث كثيرًا في عرض الطبخة التي أعدها
رفاقه. فهو يريد أن يتوافر لها الحد الأدنى من القبول والغطاء العربي. كما أن
نبرات التهديد، تلميحًا وتصريحًا، من حين لآخر في الخطاب الأميركي، لم تحقق
أهدافها، وفشلت في تغيير مواقف دول عربية مختلفة ().
المقومات الأساسية لإنجاح الصفقة غير
متوفرة حتى الآن، عبر وجود أطراف دولية مشاركة في هذه الصفقة. فلا يعقل أن تنفرد
الولايات المتحدة في صفقة العصر بدون أي شريك دولي، أوروبي أو روسي أو غير ذلك.
ففي غياب المشاركة الدولية سيكون من الصعب إقناع الطرف العربي المشاركة فيها. فأهم
الدول العربية ذات العلاقة مثل الأردن ومصر والسعودية تعارض، على سبيل المثال لا
الحصر، موضوع سحب القدس من طاولة المفاوضات. أما الأمر الأكثر تعقيدًا فهو
المشاركة الفلسطينية. فمنذ إعلان الرئيس الأميركي في السادس من كانون الأول/ديسمبر
الماضي، قررت القيادة الفلسطينية مقاطعة المسؤولين الأميركيين كافة. ومنذ ذلك
الوقت هناك محاولة فلسطينية لإقناع الجميع أن السلطة ترفض "صفقة القرن"
ولا تريد إعطاء تلك الصفقة أي مصداقية فلسطينية ().
ما يتوفر من أنباء بعد هذه الجولة،
هو حذر شديد في ردود الفعل الرسمية العربية والدولية التي لا يزال أغلبها متمسكًا
في الخطاب الرسمي المعلن على الأقل بما يتعلق بحل الدولتَين، ما يثير بعض التوقعات
حول احتمالات تأجيل إعلان تفاصيل الصفقة الأميركية، أو على الأقل الاكتفاء بإعلان
خطوط عامة قد لا تثير زوابع جديدة ضد الإدارة الأميركية وأي أنظمة عربية قد تؤيد
تفاصيل الصفقة، والسعي للتقدم باتجاه خطوات وترتيبات أمنية واقتصادية قد تهيئ
الوضع لاحقًا لتنفيذ تلك الصفقة ().
على الأرجح فإن غياب الشريك الدولي
المساند والداعم للرؤية الأميركية إضافة للمواقف المصرية والأردنية من ناحية،
وموقف السلطة الفلسطينية من ناحية أخرى في ظل استمرار رفض الضغوط التي تمارس عليها
لمقابلة الوفد الأميركي، فضلًا عن المواقف الشعبية الفلسطينية، ستكون عاملًا
حاسمًا إلى حد كبير في طبيعة ما قد تعلن عنه الإدارة الأميركية، وإلى أي مدى قد
تذهب صفقة القرن أو تتأجل أو تولد ميتة.
الخاتمة
ركزت جول الوفد الأميركي على عرض
التصورات النهائية لصفقة القرن الأميركية على العواصم التي جابتها، وحظيا ملف
المساعدات الإنسانية وتحسين الأوضاع الاقتصادية في غزة باهتمام كبير استعدادا لعرض
الخطة الأميركية بشكل رسمي. لكن جولة الوفد الأميركي وجدت العديد من الصعوبات
والتحديات أهمها عدم تجاوب القيادة الفلسطينية مع الطروحات الأميركية ورفض الرئيس
عباس لقاء الوفد الأميركي، والرفص العربي خاصة المصري والأردني لملامح الصفقة
الأميركية، ما يضع الموقف الأميركي أمام خيارات صعبة، وفي ضوء مما تقدم يمكن
التأكيد على النقاط التالية:
جولة الوفد الأميركي كانت بمثابة
البروفة النهائية لإدارة ترامب قبل عرض الصفقة بشكل نهائي، لكن التحديات التي
واجهها الوفد الأميركي في الحصول على موافقات مبدئية على الطرح الأميركي ورفض
القيادة الفلسطينية مقابلة الوفد وضع الخطة الأميركية أمام تحديات صعبة.
ملامح الصفقة الأميركية تؤكد أنها
عبارة عن تجميع لتصورات أمريكية وإسرائيلية سابقة لحل القضية الفلسطينية، تقوم على
أساس قيام دولة فلسطينية محدودة السيادة بدون حدود واضحة المعالم، وبدون إخلاء
للكتل الاستيطانية الكبرى مع بقاء الأمن في يد الجيش الإسرائيلي خاصة في منطقة
الأغوار، مع اعتبار أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية وإسقاط لحق العودة وقضية
اللاجئين، مع إمكانية لتمدد قطاع غزة باتجاه الجنوب في سياق البحث عن حلول لمشاكل
القطاع الاقتصادية والاجتماعية.
التصورات الأميركية التي حاول الوفد الأمريكي
تسويقها في المنطقة هي بمثابة تبني للرؤية الإسرائيلية بشكل كامل في التعاطي مع
كيفية إيجاد حل للقضية الفلسطينية، عبر تحويل القضية الفلسطينية م لقضية إنسانية
هامشية، واسقاط القدس وحق العودة وعدم اخلال الكتل الاستيطانية وبقاء الأمن في يد
الجيش الإسرائيلي.
ظهرت خلافات جوهرية بين الموقف الأميركي والموقف
المصري والأردني حول العديد من النقاط التي حملها الوفد الأميركي، منها ما يتعلق
بوضع القدس، والمستوطنات والحدود واللاجئين، ومستقبل قطاع غزة، في ظل إصرار
القاهرة وعمان على أن يكون الطرح الأمريكي متوافق مع مبدأ حل الدولتين وقرارات
الأمم المتحدة، ما شكل عقبة جديدة أمام الخطة الأميركية قد تؤدي لتأجيل عرض
الصفقة.
يرتكز الطرح الأميركي على الجانب
الاقتصادي والإنساني من خلال البحث عن حلول ومشاريع استثمارية لتحسين الوضع
الإنساني المتردي في قطاع غزة يهدف لتحقيق أمرين، الأول تمرير الحل الإقليمي من
جانب عبر تمدد قطاع غزة باتجاه الجنوب من خلال فرض واقع جوسياسي عبر إقامة ميناء
ومطار ومحطة طاقة شمسية في شبة جزيرة سيناء وتحويل مسار القضية الفلسطينية من قضية
سياسية إلى قضية إنسانية من خلال البحث عن حلول إنسانية واقتصادية.
التحديات التي واجهت الصفقة في عدم
وجود شريك دولي مؤيد للمساعي الأمريكي من جهة والمواقف المصرية والأردنية الرافضة
للطروحات الأميركية من جهة أخرى تشّكل عقبة جديدة أمام تمرير المشروع الأميركي،
بعد ما كانت إدارة ترامب تظن أن الرفض الفلسطيني يمثل العقبة الوحيدة، لذلك أتوقع
تأجيل إعلان الصفقة لإجراء بعد التعديلات عليها لإرضاء الأطراف العربية، وتوفر
ظروف مناسبة لطرحها.